كانت رحلة ليو مينغ في التعامل مع ورم النخاع الشوكي المتعدد مليئة بالتحديات. سافر ليو من مقاطعة شانشي بالصين إلى مستشفى في بكين لمتابعة العلاج. أظهرت العلاجات القياسية، مثل العلاج الكيميائي، في البداية، بعض علامات النجاح في محاربة المرض، لكنها لم تتمكن من تحقيق الهدأة الكاملة. لذا، قرر ليو السفر إلى الولايات المتحدة لمقابلة د. نوبور راجي وفريق طب الأورام في مركز ماس جنرال لعلاج السرطان سعيًا للوصول إلى الهدأة الكاملة طويلة الأمد. كان يأمل أن يكون برنامج العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية (CAR-T)، وهو علاج جديد حقق هدأة طويلة الأمد لبعض مرضى السرطان، المحطة الأخيرة في رحلة للبحث عن علاج دامت خمس سنوات.
أصيب ليو فجأة بكسر في أحد أضلاعه في ديسمبر 2017. وأثناء وجوده في المستشفى المحلي لعلاج الكسر، أصيب بحمى خفيفة مستمرة. أجرى أطباؤه تحليل بول للمساعدة في تحديد سبب الحمى. أظهرت النتائج وجود وظائف غير طبيعية للكليتين، لكنها لم تكن حاسمة.
ولأن النتائج لم تكن حاسمة، أحال الأطباء ليو إلى مستشفى في بكين لإجراء فحوصات أشمل. سافر ليو إلى بكين وخضع لسلسلة من الفحوصات أملًا في معرفة السبب الحقيقيللحمى . كشفت الفحوصات عن نتائج غير متوقعة: لم تكن مشكلة ليو في الكُلى، بل كان يعاني من ورم النخاع الشوكي المتعدد في المرحلة IIA.
وسرعان ما بدأ الأطباء في مستشفى بكين في علاجه بعدة جرعات من عقاقير العلاج الكيميائي طوال عام 2018 وزراعة الخلايا الجذعية باستخدام خلاياه. وكانت الاختبارات الأولية لتقييم فعالية العلاج واعدة. لذلك، قلل الأطباء جرعة العلاج الكيميائي على أمل السيطرة على السرطان وتحقيق الهدأة الكاملة تدريجيًا.
على مدى السنوات الثلاث التالية، استمر ليو في الوصول إلى الهدأة الجزئية ثم عودة ورم النخاع الشوكي المتعدد من جديد، ما جعل من الصعب عليه التركيز في عمله بسبب حالة القلق المستمرة.
يقول ليو: “كان استئناف جرعات العلاج الكيميائي والتحسُّن، ثم عودة السرطان مرة أخرى أمرًا محبطًا. في تلك المرحلة، لم يكن لدي الكثير من الأمل. تساءلت عما إذا كانت هذه هي الطريقة التي سأعيش بها بقية حياتي أيًا كانت مدتها".
توجه ليو إلى الولايات المتحدة بحثًا عن هدأة طويلة الأمد. عمل مع شركة تدعى Auro Medical للمساعدة في العثور على أفضل المستشفيات التي تقدم العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية (CAR-T)، وهو علاج مناعي حقق نجاحًا في علاج أنواع متعددة من السرطان للمرضى الذين لم يستجيبوا بشكل جيد للعلاج الكيميائي وغيره من العلاجات القياسية.
يشمل العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية جمع الخلايا التائية الخاصة بالمريض وتعديلها لمهاجمة خلايا سرطانية معينة ثم إعادتها إلى جسم المريض للمساعدة في محاربة المرض. نظرًا لأن العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية يستخدم الخلايا التائية للشخص نفسه، يمكن للخلايا أن تتكاثر عند وجود المزيد من الخلايا السرطانية التي يجب محاربتها حتى تتقلص ويتم القضاء على الأورام، مما يؤدي إلى هدأة طويلة الأمد ودائمة للمرضى الذين يعانون حتى من بعض أشكال السرطان الأكثر تقدمًا.
بمساعدة شركة Auro Medical، وصل ليو إلى مركز ماس جنرال لعلاج السرطان في بوسطن، ماساتشوستس، في يونيو 2022 للقاء د. نوبور راجي، مدير مركز ورم النخاع الشوكي المتعدد. قرر فريق الرعاية متعدد التخصصات أن ليو مؤهل للعلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية (CAR-T) وقد استوفى شروط تلقي العلاج. تم الاتفاق على سحب الدم في سبتمبر على أن يتبع ذلك تلقي العلاج في أكتوبر.
وفي نهاية شهر أكتوبر، تلقى ليو العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية على مدار أسبوع. ورغم شعوره بالتحسن في البداية إلا أنه بدأ يعاني من آثار جانبية، بما فيها الحمى والغثيان وفقدان الشهية. كان فريق الرعاية التابع لمركز ماس جنرال لعلاج السرطان على تواصل دائم لطمأنته وإعطائه نصائح لتخفيف الأعراض حتى زوالها بعد بضعة أيام.
يقول ليو: "طوال فترة زيارتي، بدءًا من الاستشارة الأولية وحتى العلاج ووصولًا إلى مواعيد المتابعة، طمأنني فريق الرعاية من خلال تواصلهم الواضح والصريح. لقد شعرت دائمًا أنني أعرف ما يجب توقعه في كل مرحلة من مراحل العلاج."
ظل ليو في الولايات المتحدة شهرين آخرين حيث قام د. راجي وفريق الرعاية بمراقبة التقدم المحرز في العلاج. وأخيرًا، في آخر زيارة متابعة له، تلقى ليو الخبر الذي كان يحلم به وهو أن ورم النخاع الشوكي المتعدد في هدأة كاملة.
عاد ليو إلى الصين في يناير 2023، حيث التقى بالأطباء في بكين للتحقق مما إذا كان السرطان لا يزال في مرحلة الهدأة. واصل د. راجي مراجعة فحوصات ليو وأكد أن السرطان قد اختفى تمامًا، ولم يعد هناك حاجة إلى مزيد من العلاج، ويمكنه أخيرًا أن يعود إلى حياته الطبيعية.
يقول ليو: "بعد تشخيصي في عام 2018 وتلقي العلاج المستمر لمدة 5 سنوات تقريبًا، جعلني سماع الخبر بأنني الآن خالٍ من السرطان أشعر بالارتياح لأول مرة منذ فترة طويلة. رغم أنني لا أزال أعلم أن السرطان قد يعود في أي لحظة كما كان الحال في السنوات القليلة الماضية، إلا أنني متفائل بحذر بأن العلاج بالمستقبلات الخيمرية للخلايا التائية هو الحل الذي كنت أتمناه. أنا ممتن للغاية للخبراء في الصين ولفريق مركز ماس جنرال لعلاج للسرطان الذي قام بعلاجي."